الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات ما هي الموسيقى التي سمعها الطبيب الذي قام بتقطيع جثة جمال خاشقجي؟

نشر في  23 أكتوبر 2018  (11:02)

بقلم: حمدي فراج (جريدة القدس)

 "من ضمن ما جاء في قسم ابوقراط الطبي الذي يؤديه الاطباء في كل بلدان العالم بعد تخرجهم من جامعاتهم كل دولة بلغتها "لن أستخدم الموسى حتى مع الذين يعانون من الحصوات داخل أجسامهم" . استحضرني هذا الكلام القسم ، رغم مرور اكثر من الفين وخمسمائة سنة عليه ، عندما تناقلت وسائل الاعلام ان من ضمن الفريق الامني الذي وصل الى "قنصلية خاشقجي" طبيب في منصب مسؤول طب تشريحي او طب عدلي ، ما يطلق عليه في بلادنا طب شرعي ، و بالضرورة يكون قد احضر معه عدته او ان القنصلية وفرتها له من اسواق اسطنبول ، منشار ، بلطة ، سكاكين دقيقة ، كنا ونحن صغارا نراها مع الجزارين الذين يعالجون ذبائحهم من الاغنام والعجول ، كانت العملية تتم في الشوارع ، بحيث يكون الذبح بسكين مختلفة عن السلخ مختلفة عن التقطيع .

كيف يقوم طبيب درس هذه المهنة الانسانية الرائعة عدة سنوات في أحدى كليات صروح العلم بهذا الدور المشين؟ كيف يقبل ان يتحول الى قصاب أو جزار أو بلغتنا الدارجة الى "لّحام"؟ كيف يستطيع بعد ان يقطع انسان ينتمي اليه في الجنسية والدين واللغة والقومية والاهم في العائلة الانسانية الاخوية الواحدة؟ كيف يستطيع ان ينظر الى نفسه في المرآة؟ كيف يستطيع ان ينظر في وجه زوجته واطفاله؟ واليوم كيف يستطيع أن ينظر في وجه أبناء وبنات الخاشقجي، بل كيف يستطيع النظر في وجه كل ابناء الشعب السعودي ؟

لم يرد في الاخبار ما هي بالضبط الموسيقى التي طلب تشغيلها عندما بدأ جزارته، فمن حق ملحنها او مؤدي كلماتها ان كانت اغنية ، محاسبته ومقاضاته ، فعدا عن ان ذلك يسيء لهم توظيف فنهم في مجالات مؤلمة مثيرة للاشمئزاز، فإن الناس سينفضون عن سماعها لانها ببساطة ستذكّرهم بعملية تقطيع انسان كان اسمه جمال خاشقجي.

وعلى عاتق نقابة الاطباء في المملكة والعالم، فصل هذا الجزار الذي تخفى في اوساطهم بزي طبيب،  حتى لو كان بيطريا، لأن ذلك بدوره يفتح عيوننا الى ان هناك الكثيرين من أمثاله، وخاصة هؤلاء الذين يعملون في مجالات الطب العدلي، حيث تصاغ تقارير الموت وفق ما يريد جهاز الأمن في الدولة المخابراتية.

سيتم بالتأكيد عرض اشلاء الخاشقجي على طبيب عدلي سعودي آخر لتحديد سبب الوفاة الحقيقي، وسيحضرون بالطبع خبيرا أجنبيا، نرويجيا اسكتلنديا، لأن الثقة في التشريح العربي عموما شبه مفقودة، ولن يضير الخاشقجي تقطيعه بعد قتله، انه فقط يضيرنا نحن الاحياء ممن كانوا شهودا على هذا القتل الاجرامي الأسود، لأنه بعد نحو ألف واربعمائة سنة ما زالت ترن في آذاننا ما قالته اسماء بنت ابي بكر عن ابنها عبد الله الذي ابقاه الخليفة معلقا على مشانق الكعبة ثلاثة ايام: ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها ؟!"